في ظل سيطرة العصابات.. كولومبيا تقدم الدعم لهايتي وتعهدات بتعزيز الأمن

في ظل سيطرة العصابات.. كولومبيا تقدم الدعم لهايتي وتعهدات بتعزيز الأمن
عنف العصابات في هايتي - أرشيف

تصاعدت أعمال العنف في هايتي خلال الأشهر الماضية بشكل غير مسبوق، حيث باتت العصابات المسلحة تسيطر على أجزاء واسعة من العاصمة بور أو برنس، ما تسبب في تفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية، وفي خضم هذا الانهيار، وصل الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الجمعة، إلى هايتي، لتقديم الدعم السياسي والأمني لحكومة البلد الكاريبي الغارق في الفوضى. 

وتأتي هذه الزيارة بينما تتعرض السلطة الانتقالية في هايتي لضغوط متزايدة لإجراء انتخابات وطنية بحلول فبراير 2026، في وقت تعجز فيه الدولة عن السيطرة على العنف أو توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لمواطنيها، بحسب ما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس"، اليوم السبت. 

ولم تكن زيارة بيترو فقط رمزية، بل حملت معها وعودًا ملموسة بتعزيز التعاون الأمني ومساعدة هايتي في مواجهة تمدد العصابات، وسط أزمة إنسانية متفاقمة وانعدام شبه كامل لسلطة الدولة.

وجاءت هذه الزيارة في ظل تسارع وتيرة العنف واتساع سيطرة الميليشيات، حيث بات أكثر من 80% من العاصمة تحت سيطرة الجماعات الإجرامية، وفقًا لتقارير أممية حديثة.

تعهدات بتعزيز الأمن

أعلن الرئيس بترو، خلال الزيارة، عن افتتاح سفارة جديدة لكولومبيا في هايتي، مؤكدًا التزام بلاده بالمساهمة في تعزيز الأمن وإعادة الاستقرار، واجتمع بترو برئيس الوزراء الهايتي غاري كونيل وممثلي المجلس الرئاسي الانتقالي، الذين يواجهون ضغوطًا محلية ودولية لتنظيم انتخابات قبل فبراير 2026. 

وأوضح بيان رسمي صادر عن الحكومة الكولومبية أن الاجتماع المغلق تناول مشاريع ثنائية في مجالات الأمن، والتعليم، والتجارة، والزراعة، ومكافحة تهريب المخدرات، كما عرضت بوغوتا دعمًا فنيًا عبر تدريب الضباط الهايتيين.

وتفاقمت الأزمة في هايتي منذ اغتيال الرئيس جوفينيل مويس في يوليو 2021، وهو الهجوم الذي تورط فيه 17 جنديًا كولومبيًا سابقًا والذي ما زال قيد التحقيق في البلاد. 

وفي ظل غياب مؤسسات حكومية فاعلة، تصاعد نفوذ العصابات المسلحة التي باتت تسيطر على الشوارع والمنشآت الحيوية، ما أجبر آلاف المدنيين على النزوح، وعرقل وصول المساعدات الإنسانية. وتُتهم هذه العصابات بممارسة القتل والخطف والابتزاز وفرض "ضرائب" على السكان.

محاولة إنقاذ متعثرة

واجهت محاولات إرسال قوة متعددة الجنسيات إلى هايتي بقيادة كينيا عدة انتكاسات قانونية، مع رفض محكمة كينية إرسال قوات دون إذن من البرلمان، ورغم موافقة الأمم المتحدة العام الماضي على إنشاء هذه القوة لدعم الشرطة الهايتية، إلا أن انتشارها لا يزال مؤجلًا، ما يزيد من تفاقم الوضع الأمني. 

وفي هذا السياق، تسعى كولومبيا إلى لعب دور داعم لحكومة هايتي، وخاصة من خلال تعزيز قدراتها الدفاعية، وقد زارت وفود هايتي مؤخرًا مصنعًا للأسلحة تملكه الدولة في كولومبيا.

ورغم إعلان مؤتمر صحفي مشترك، تُرك الصحفيون ينتظرون لساعات قبل أن يُلغى دون توضيح في خطوة أثارت الاستغراب، واكتفت الحكومة الكولومبية ببث مقطع قصير للرئيس بترو داخل السفارة الجديدة، يقول فيه: "لقد حان الوقت لنتحد حقًا"، في إشارة إلى ضرورة تضافر الجهود الإقليمية لإنقاذ هايتي من دوامة الانهيار.

بلد على حافة الانهيار

تظل هايتي، التي تُعد أفقر دولة في نصف الكرة الغربي، عالقة بين طموحات الانتقال الديمقراطي وخطر التفكك الكامل تحت سطوة العصابات. 

ومع تأخر الاستجابة الدولية، تبدو التحركات الإقليمية، كزيارة بترو، خطوة رمزية مهمة، لكنها غير كافية وحدها لوقف تدهور الأوضاع ما لم تُترجم إلى دعم أمني فعلي وانتقال سياسي شامل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية